بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكم ومرحبـاً بكم منتديات الأحبة في الله ونتمنى أن تستفيدوا منه
نسألكم الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكم ومرحبـاً بكم منتديات الأحبة في الله ونتمنى أن تستفيدوا منه
نسألكم الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 في رحاب ايه

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالأربعاء سبتمبر 30, 2009 5:51 pm

أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ

--------------------------------------------------------------------------------

قال الله تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ {97} أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ {98} أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {99}. سورة الأعراف.
قال الإمام عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله في "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد": قصد المصنف رحمه الله بهذه الآية التنبيه على أن الأمن من مكر الله من أعظم الذنوب. وأنه ينافي كمال التوحيد، كما أن القنوط من رحمه الله كذلك، وذلك يرشد إلى أن المؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وأرشد إليه سلف الأمة والأئمة ومعنى الآية: أن الله تبارك وتعالى لما ذكر حال أهل القرى المكذبين للرسل بيَّن أن الذي حملهم على ذلك هو الأمن مكر الله وعدم الخوف منه ... قال إسماعيل بن رافع: "من الأمن من مكر الله إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة" ... وهذا هو تفسير المكر في قول بعض السلف: يستدرجهم الله بالنعم إذا عصوه، ويملى لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم عبد الرحمن
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللّه

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللّه
أم عبد الرحمن


الدولة : في رحاب ايه MoroccoC
الجنس : انثى
عدد الرسائل : 1116
عدد النقاط : 1001160
السٌّمعَة : 53
الموقع : www.okhtah.net.tc
تاريخ التسجيل : 21/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالثلاثاء أكتوبر 06, 2009 6:33 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول اللله وعلى اله وصحبه وسلم
بارك الله فيك أختي على هذا الشرح
أسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك يوم القيامة
دمت في حفظ الله ورعايته
والسلام عليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
jorjina
مشرفة عامة

مشرفة عامة
jorjina


الدولة : في رحاب ايه Saudi_aC
المدينة : في دروب الوفاء
الجنس : انثى
المهنة : في رحاب ايه Office10
المزاج : سعيدة دوماً ولله الحمد
العمل/الترفيه : دارة في دور التحفيظ
عدد الرسائل : 526
عدد النقاط : 626
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 12/10/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالجمعة أكتوبر 23, 2009 5:36 pm

السلام عليكم
جزاك الله خيرا ارجو من يجعلهفي موازين حسناتكم
مع التحية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالجمعة أكتوبر 23, 2009 9:43 pm

أم عبد الرحمن كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول اللله وعلى اله وصحبه وسلم
بارك الله فيك أختي على هذا الشرح
أسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك يوم القيامة
دمت في حفظ الله ورعايته
والسلام عليكم
وفيكم بارك الله اختي
وفقك الله ونفع بك وسدد خطاك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالجمعة أكتوبر 23, 2009 9:54 pm

jorjina كتب:
السلام عليكم
جزاك الله خيرا ارجو من يجعلهفي موازين حسناتكم
مع التحية
ولكم من الله الجزاء بالمثل وفقكم الله ونفع بكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالسبت أكتوبر 24, 2009 9:06 am

سورة النّاس

*************
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } * { مَلِكِ ٱلنَّاسِ } * { إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } * { مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } * { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } * { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ }
------------------

قال الطبري رحمه الله"

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد أستجير { بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ } وهو ملك جميع الخلق: إنسِهم وجنهم، وغير ذلك، إعلاماً منه بذلك مَنْ كان يعظِّم الناس تعظيم المؤمنين ربَّهم، أنه مَلِكُ من يعظمه، وأن ذلك في مُلكه وسلطانه، تجري عليه قُدرته، وأنه أولى بالتعظيم، وأحقّ بالتعبد له ممن يعظمه، ويتعبَّد له، من غيره من الناس.وقوله: { إلَهِ النَّاسِ } يقول: معبود الناس، الذي له العبادة دون كلّ شيء سواه.وقوله: { مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ } يعني: من شرّ الشيطان { الخَنَّاسِ } الذي يخنِس مرّة ويوسوس أخرى، وإنما يخنِس فيما ذُكر عند ذكر العبد ربه.
***********************

قال الطبري رحمه الله"والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من شرّ شيطان يوسوس مرّة ويخنس أخرى، ولم يخصّ وسوسته على نوع من أنواعها، ولا خنوسه على وجه دون وجه، وقد يوسوس الدعاء إلى معصية الله، فإذا أطيع فيها خَنَس، وقد يوسوس بالنَّهْي عن طاعة الله فإذا ذكر العبدُ أمر به، فأطاعه فيه، وعصى الشيطان خنس، فهو في كل حالتيه وَسْواس خَنّاس، وهذه الصفة صفته.

******************************

قال الطبري رحمه الله"
وقوله: { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ } يعني بذلك: الشيطان الوسواس، الذي يوسوس في صدور الناس: جنهم وإنسهم.فإن قال قائل: فالجنّ ناس، فيقال: الذي يوسوس في صدور الناس: من الجنة والناس. قيل: قد سماهم الله في هذا الموضع ناساً، كما سماهم في موضع آخر رجالاً، فقال:
{ وَأنَّهُ كَانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ }
، فجعل الجنّ رجالاً، وكذلك جعل منهم ناساً.وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدّث، إذ جاء قوم من الجنّ فوقفوا، فقيل: من أنتم؟ فقالوا: ناس من الجنّ، فجعل منهم ناساً، فكذلك ما في التنزيل من ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
noumidia
عضو جديد

عضو جديد
noumidia


الدولة : في رحاب ايه MoroccoC
المدينة : الناظور
الجنس : انثى
العمر : 35
عدد الرسائل : 7
عدد النقاط : 9
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 26/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالأربعاء أكتوبر 28, 2009 10:08 pm

لك مني كل الشكر و التقدير اختي الكريمة على المجهودات القيمة التي تبذلينها
جزاك الله خيرا و اثابك حسن الثواب
لك مني ارقى تحية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالخميس أكتوبر 29, 2009 8:07 am

noumidia كتب:
لك مني كل الشكر و التقدير اختي الكريمة على المجهودات القيمة التي تبذلينها
جزاك الله خيرا و اثابك حسن الثواب
لك مني ارقى تحية
ولك من الله الجزاء بالمثل اختي
اسال الله لن يوفقك وينور دربك بالهدايه والتقى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالخميس أكتوبر 29, 2009 9:03 am

يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة النحل: “ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم، ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون، ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون، من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”.
بعد أن أمر الحق سبحانه وتعالى في الآيات السابقة على هذه الآيات بالوفاء بالعهود ونهى عن نقضها بصفة عامة، أتبع ذلك بالنهي عن الحنث في الأيمان بصفة خاصة.

فقوله سبحانه: “ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم” تصريح بالنهى عن اتخاذ الأيمان من أجل الغش والخديعة بعد النهي عن نقض العهود بصفة عامة.. أي ولا تتخذوا أيها المؤمنون الحلف بالله تعالى ذريعة إلى غش الناس وخداعهم واستلاب حقوقهم، فقد جرت عادة الناس أن يطمئنوا إلى صدق من يقسم بالله تعالى، فلا تجعلوا هذا الاطمئنان وسيلة للكذب عليهم.

ثم رتب سبحانه على هذا النهي ما من شأنه أن يردع النفوس عن اتخاذ الأيمان دخلا فقال: “فتزل قدم بعد ثبوتها” والمعنى: لا تتخذوا أيمانكم وسيلة للخديعة والإفساد بين الناس، فتنزل أقدامكم عن طريق الإسلام بعد ثبوتها عليها ورسوخها فيها.

وقوله سبحانه: “وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله” بيان لما يصيبهم من عذاب دنيوي بسبب اتخاذ أيمانهم دخلا بينهم أي: وتذوقوا السوء وهو العذاب الدنيوي من المصائب والخوف والجوع بسبب صدودكم وإعراضكم عن أوامر الله ونواهيه، أو بسبب صدكم لغيركم عن الدخول في دين الله حيث رأى منكم ما يجعله ينفر منكم ومن دينكم.
والتعبير ب”تذوقوا” فيه إشارة إلى أن العذاب الدنيوي الذي سينزل بهم بسبب اتخاذهم أيمانهم دخلا بينهم، سيكون عذابا شديدا.

يبيعون دينهم بدنياهم

ثم نهى الحق سبحانه الإنسان عن بيع دينه بدنياه كما يفعل كثير من الناس الذين فقدوا حلاوة الإيمان والالتزام بما شرع الله فقال عز وجل: “ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا” أي لا تستبدلوا بأوامر الله تعالى ونواهيه عرضا قليلا من أعراض الدنيا الزائلة بأن تنقضوا عهودكم في مقابل منفعة دنيوية زائلة.

ثم رغبنا سبحانه وتعالى فيما ادخره للمؤمنين المخلصين من ثواب وأجر فقال: “إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون”.

أي: عن ما أدخره الله لكم أيها المؤمنون من ثواب عظيم، وأجر جزيل، وحياة طيبة، هو خير لكم من ذلك الثمن القليل الذي تتطلعون إليه وتنقضون العهود من أجله.
ثم أضاف سبحانه إلى ترغيبهم في العمل بما يرضيه ترغيبا آخر فقال: “ما عندكم ينفد وما عند الله باق”.
أي: ما عندكم من متاع الدنيا وزهرتها يفنى وينقضي ويزول. وما عند الله تعالى في الآخرة من عطاء باق لا يفنى ولا يزول.

بشرى للصابرين

ثم بشر سبحانه الصابرين على طاعته بأعظم البشارات فقال: “ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”.
أي: ولنجزين الذين صبروا على طاعتنا واجتنبوا معصيتنا، ووفوا بعهودنا، بأفضل وأكرم مما كانوا يعملونه في الدنيا من خيرات وطاعات.
ثم بين سبحانه حسن عاقبة المؤمنين الذين يحرصون على العمل الصالح فقال تعالى: “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”. أي أن من عمل صالحا، بأن يكون خالصا لوجه الله تعالى وموافقا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم سواء أكان هذا العامل المؤمن ذكرا أم أنثى، فلنحيينه حياة طيبة يظفر معها بصلاح البال، وسعادة الحال.

والمراد بالحياة الطيبة المشار إليها في الآية: الحياة الدنيوية التي يحياها المؤمن إلى أن ينقضي أجله. وقد فسرها بعض الصحابة ومنهم ابن عباس رضي الله عنه بالرزق الحلال، وروي أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فسرها بالقناعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالأربعاء ديسمبر 23, 2009 12:16 pm

--------------------------------------------------------------------------------

إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}
يخبر الله جل ثناؤه عباده أنه عليم بهم، وبما استقر في قلوبهم من بواعث، وبما أنفقوا، فلا خوف من الظلم في جزائهم؛ لأنه سيوفيهم أجورهم، فلن يظلم أحدا من خلقه يوم القيامة، ولن ينقص ثواب عمله وزن ذرة بل يوفيها له ويضاعفها له إن كانت حسنة ، فيا له من كرم ، ويا له من فيض ، لا يقعد عنه إلا جاهل خسران. روي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف وينادى على رؤوس الخلائق هذا فلان بن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه ثم يقول آت هؤلاء حقوقهم، فيقول يا رب من أين لي وقد ذهبت الدنيا عني فيقول الله تعالى للملائكة انظروا إلى أعماله الصالحة فأعطوهم منها فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة يا رب قد أعطى لكل ذي حق حقه وبقي مثقال ذرة من حسنة فيقول الله تعالى للملائكة ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة. وإن كان عبدا شقيا قالت الملائكة إلهنا فنيت حسناته وبقيت سيئاته وبقي طالبون كثير فيقول تعالى خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكوا له صكا إلى النار) نسأله سبحانه رضاه والجنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالأربعاء ديسمبر 23, 2009 12:19 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }


تعالج هذه الآية خلقا ذميما في بعض الناس الذين يدعون بالخير فيريدون تعجيل الإجابة، ثم يحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء بالشر، ولكن الله تبارك وتعالى لسعة رحمته بالناس لا يعاجلهم بالعقوبة كاستعجالهم بطلب الخير؛ لأن الله عز وجل لو فعل ذلك بالناس لقضي إليهم أجلهم؛ يعني بالموت . وقد نزلت هذه الآية _كما قال مجاهد_ : في الرجل يدعو على نفسه أو ماله أو ولده إذا غضب: اللهم أهلكه، اللهم لا تبارك له فيه وَالْعَنْهُ أو نحو هذا؛ فلو استجاب الله ذلك منه، كما يستجيب الخير لقضي إليهم أجلهم . وقد ورد في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه أن رجلا من الأنصار لعن بعيره، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم) . فهذا القول من النبي ـ صلى الله عليه وسلم يدل دلالة واضحة على أن الرجل لو دعا على نفسه أو ماله أو ولده بشيء ربما يصادف ساعة إجابة فيستجاب له كما يستجاب له في الخير فيهلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالثلاثاء يناير 05, 2010 10:34 am

--------------------------------------------------------------------------------

يقول الله عز وجل في سورة الأنفال‏:‏ ‏{ ‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏ }‏ ‏[‏سورة الأنفال‏:‏ آية 30‏]‏ ما معنى ‏{ ‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏ } ‏‏؟‏

الإجابة:

هذه الآية في سياق ما ذكر الله سبحانه وتعالى من مكيدة المشركين ومكرهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما تآمروا على قتله وترصدوا له ينتظرون خروجه - عليه الصلاة والسلام - فأخرجه الله من بينهم ولم يشعروا به، وذهب هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه واختبيا في الغار ‏(‏في غار ثور‏)‏ قبيل الهجرة إلى المدينة ثم إن الله سبحانه وتعالى صرف أنظارهم حينما وصلوا إلى الغار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مختبئ فيه هو وصاحبه، ووقفوا عليه ولم يروه‏.‏ حتى إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ " ‏يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما‏"‏ ‏[‏رواه الإمام البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه‏]‏ فأنزل الله جل وعلا‏:‏ ‏ { ‏إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏ }‏ ‏[‏سورة التوبة‏:‏ آية 40‏] ‏‏. هذا هو المكر الذي مكره الله جل وعلا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن أخرجه من بين أعدائه ولم يشعروا به مع حرصهم على قتله وإبادته ثم إنهم خرجوا في طلبه، ووقفوا على المكان الذي هو فيه، ولم يروه ؛ لأن الله صرفهم عنه كما قال تعالى‏:‏ ‏ { ‏وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏ } ‏ ‏[‏سورة الأنفال‏:‏ آية 30‏] ‏‏. وهذا المكر المضاف إلى الله جل وعلا والمسند إليه ليس كمكر المخلوقين؛ لأن مكر المخلوقين مذموم، وأما المكر المضاف إلى الله سبحانه وتعالى فإنه محمود؛ لأن مكر المخلوقين معناه الخداع والتضليل، وإيصال الأذى إلى من لا يستحقه، أما المكر من الله جل وعلا فإنه محمود؛ لأنه إيصال للعقوبة لمن يستحقها فهو عدل ورحمة‏.‏

المصدر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالثلاثاء يناير 05, 2010 10:45 am

تفسير قوله تعالى:
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة:177)



التفسير:
{ 177 } قوله تعالى: { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب }: في هذه الآية قراءتان: { ليس البِرَّ }بفتح الراء؛ و{ ليس البِرُّ } بضم الراء؛ فأما على قراءة الرفع فإن { البرُّ } تكون اسم { ليس }، و{ أن تولوا } خبرها؛ وأما على قراءة النصب فتكون { البرَّ } خبر { ليس }، و{ أن تولوا } اسمها مؤخراً؛ يعني تقدير الكلام على الأول: ليس البرُّ توليتَكم وجوهكم؛ والتقدير على الثاني: ليس البرَّ توليتُكم - بالرفع.
و «البر» في الأصل الخير الكثير؛ ومنه سمي «البَرّ» لسعته، واتساعه؛ ومنه «البَرّ» اسم من أسماء الله، كما قال تعالى: { إنّا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم } [الطور: 28] ؛ ومعنى الآية: ليس الخير، أو كثرة الخير، والبركة أن يولي الإنسان وجهه قبل المشرق - أي جهة المشرق؛ أي جهة المغرب.
وهذه الآية نزلت توطئة لتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؛ فبين الله عز وجل أنه ليس البر أن يتوجه الإنسان إلى هذا، أو هذا؛ ليس هذا هو الشأن؛ الشأن إنما هو في الإيمان بالله... إلخ؛ أما الاتجاه فإنه لا يكون خيراً إلا إذا كان بأمر الله؛ ولا يكون شراً إلا إذا كان مخالفاً لأمر الله؛ فأيّ جهة توجهتم إليها بأمر الله فهو البر؛ وجاءت الآية بذكر المشرق، والمغرب؛ لأن أظهر، وأبين الجهات هي جهة المشرق، والمغرب.
قوله تعالى: { ولكن البر }: فيها قراءاتان؛ الأولى: { ولكنِ البرُّ } بالرفع؛ وعلى هذا تكون { لكن } مهملة غير عاملة؛ والقراءة الثانية التي في المصحف: { ولكنَّ البرَّ } بتشديد نون { لكنَّ }، فتكون عاملة.
قوله تعالى: { ولكن البر من آمن بالله... }: { البر } عمل؛ و{ من آمن } عامل؛ فكيف يصح أن يكون العامل خبراً عن العمل؟ في هذا أوجه:
الوجه الأول: أن الآية على تقدير مضاف؛ والتقدير: ولكن البر بر من آمن بالله... إلخ.
الوجه الثاني: أن الآية على سبيل المبالغة؛ وليس فيها تقدير مضاف، كأنه جعل المؤمن هو نفس البر، مثلما يقال: «رجل عدل» بمعنى أنه عادل.
الوجه الثالث: أن نجعل { البر } بمعنى البارّ؛ فيكون مصدراً بمعنى اسم الفاعل؛ أي: ولكن البارَّ حقيقة القائمَ بالبر من آمن بالله...
وقوله تعالى: { من آمن بالله }؛ تقدم أن «الإيمان» في اللغة بمعنى التصديق؛ لكنه إذا قرن بالباء صار تصديقاً متضمناً للطمأنية، والثبات، والقرار؛ فليس مجرد تصديق؛ ولو كان تصديقاً مطلقاً لكان يقال: آمنه - أي صدقه؛ لكن «آمن به» مضمنة معنى الطمأنينة، والاستقرار لهذا الشيء؛ وإذا عديت باللام - مثل: {فآمن له لوط} [العنكبوت: 26] - فمعناه أنها تضمنت معنى الاستسلام والانقياد.
قوله تعالى: { واليوم الآخر }: هو يوم القيامة؛ وسمي آخراً؛ لأنه ليس بعده يوم.
قوله تعالى: { والملائكة } جمع ملَك؛ وهم عالَم غيبي خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور، وذللهم لعبادته، وهم لا يستكبرون عن عبادته، ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وهم أجسام ذوو عقول؛ لقوله تعالى: {جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة} [فاطر: 1] ؛ ولقوله تعالى في وصف جبريل: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين} [التكوير: 19 - 21] .
قوله تعالى: { والكتاب }؛ المراد به الجنس؛ فيشمل كل كتاب أنزله الله عز وجل على كل رسول.
قوله تعالى: { والنبيين } يدخل فيهم الرسل؛ لأن كل رسول فهو نبي، ولا عكس: قال الله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} [النساء: 163] .
قوله تعالى: { وآتى } بالمد؛ بمعنى أعطى؛ إذاً هي تنصب مفعولين؛ المفعول الأول: { المال }؛ والمفعول الثاني: قوله تعالى: { ذوي القربى }، وما عطف عليه؛ و(المال): كل عين مباحة النفع سواء كان هذا المال نقداً، أو ثياباً، و طعاماً، أو عقاراً، أو أي شيء.
قوله تعالى: (على حبه) حال من فاعل (آتى)، يعني حال كونه محباً له لحاجته إليه، كالجائع؛ أو لتعلق نفسه به، مثل أن يعجبه جماله، أو قوته، أو ما أشبه ذلك.
قوله تعالى: { ذوي القربى } أي أصحاب القرابة؛ والمراد قرابة المعطي؛ وبدأ بهم قبل كل الأصناف؛ لأن حقهم آكد؛ وقد ذكروا أن القرابة ما جمع بينك وبينهم الجد الرابع.
قوله تعالى: { واليتامى } جمع يتيم؛ وهو من مات أبوه قبل بلوغه من ذكر، أو أنثى؛ فأما من ماتت أمه فليس بيتيم؛ ومن بلغ فليس بيتيم؛ وسمي يتيماً من اليتم؛ وهو الانفراد؛ ولهذا إذا صارت القصيدة جميلة، أو قوية يقولون: هذه الدرة اليتيمة - يعني أنها منفردة ليس لها نظير.
قوله تعالى: { والمساكين } جمع مسكين؛ وهو الفقير؛ سمي بذلك لأن الفقر أسكنه، وأذله؛ والفقر - أعاذنا الله منه - لا يجعل الإنسان يتكلم بطلاقة؛ هذا في الغالب؛ لأنه يرى نفسه أنه ليس على المستوى الذي يمكنه من التكلم؛ ويرى نفسه أنه لا كلمة له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره»(102).
واعلم أن الفقير بمعنى المسكين؛ والمسكين بمعنى الفقير؛ إلا إذا اجتمعا صار لكل واحد منهما معنى غير الآخر؛ فالفقير أشد حاجة، كما في آية الصدقة: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين...} [التوبة: 60] ؛ لأن الله بدأ به؛ ويُبدأ بالأحق فالأحق، والأحوج فالأحوج في مقام الإعطاء؛ ويجمعهما - أعني الفقير، والمسكين - أن كلاً منهما ليس عنده ما يكفيه وعائلته من مطعم، ومشرب، وملبس، ومسكن، ومنكح، ومركوب.
قوله تعالى: { وابن السبيل }؛ «السبيل» بمعنى الطريق؛ والمراد بـ { ابن السبيل } الملازم للطريق؛ وهو المسافر؛ والمسافر يكون في حاجة غالباً، فيحتاج إلى من يعطيه المال؛ ولهذا جعل الله له حظاً من الزكاة؛ فابن السبيل هو المسافر؛ وزاد العلماء قيداً؛ قالوا: المسافر المنقطع به السفر - أي انقطع به السفر؛ فليس معه ما يوصله إلى بلده؛ لأنه إذا كان معه ما يوصله إلى بلده فليس بحاجة؛ فهو والمقيم على حدٍّ سواء؛ فلا تتحقق حاجته إلا إذا انقطع به السفر.
قوله تعالى: { والسائلين } جمع سائل؛ وهو المستجدي الذي يطلب أن تعطيه مالاً؛ وإنما كان إعطاؤه من البر؛ لأن معطيه يتصف بصفة الكرماء؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُسأل على الإسلام شيئاً إلا أعطاه؛ والسائل نوعان؛ سائل بلسان المقال: وهو الذي يقول للمسؤول: أعطني كذا؛ وسائل بلسان الحال: وهو الذي يُعَرِّض بالسؤال، ولا يصرح به، مثل أن يأتي على حال تستدعي إعطاءه.
قوله تعالى: { وفي الرقاب } أي في إعتاق الرقاب، أو فكاكها من الأسر.
قوله تعالى: { وأقام الصلاة } هذه معطوفة على { آمن } التي هي صلة الموصول؛ فيكون التقدير: ومن أقام الصلاة؛ و{ الصلاة } المراد بها الفرض، والنفل؛ وإقامتها الإتيان بها مستقيمة؛ لأن أقام الشيء يعني جعله قائماً مستقيماً؛ وليس المراد بإقامة الصلاة الإعلام بالقيام إليها؛ واعلم أن «الصلاة» من الكلمات التي نقلها الشارع عن معناها اللغوي إلى معنى شرعي؛ فمعناها في اللغة: الدعاء، كما قال تعالى: {وصلّ عليهم} [التوبة: 103] أي ادْعُ لهم بالصلاة، فقل: صلى الله عليكم؛ ولكنها في الشرع: عبادة ذات أقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتكبير، ومختتمة بالتسليم.
قوله تعالى: { وآتى الزكاة } أي أعطى الزكاة مستحقها؛ و«الزكاة» أيضاً من الكلمات التي نقلها الشرع عن معناها اللغوي إلى معنى شرعي؛ فالزكاة في اللغة من زكا يزكو - أي نما، وزاد؛ وبمعنى الصلاح؛ ومنه قوله تعالى: {قد أفلح من زكاها} [الشمس: 9] أي أصلحها، وقومها؛ لكن في الشرع «الزكاة» هي التعبد ببذل مال واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة؛ وسميت زكاة؛ لأنها تنمي الخُلق وتنمي المال، وتنمي الثواب؛ تنمي الخُلُق بأن يكون الإنسان بها كريماً من أهل البذل، والجود، والإحسان؛ وهذا لا شك من أفضل الأخلاق شرعاً، وعادة؛ وتنمي المال بالبركة، والحماية، والحفظ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال»(103)؛ وتزكي الثواب ، كما قال تعالى: { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم } [البقرة: 261] ؛ وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب؛ فإن الله تعالى يأخذها بيمنيه، فيربيها، كما يربي الإنسان فلوه حتى تكون مثل الجبل»(104).
قوله تعالى: { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا }؛ { إذا } هنا مجردة من الشرطية؛ فهي ظرفية محضة - يعني: الموفون بعهدهم وقت العهد؛ أي في الحال التي يعاهدون فيها؛ فإذا عاهدوا وفوا.
قوله تعالى: { والصابرين }: فيه إشكال من حيث الإعراب؛ لأن الذي قبله مرفوع؛ وهو غير مرفوع؛ يقول بعض العلماء؛ إنه منصوب بفعل محذوف، والتقدير: وأخص الصابرين؛ والبلاغة من هذا أنه إذا تغير أسلوب الكلام كان ذلك أدعى للانتباه؛ فإن الإنسان إذا قرأ الكلام على نسق واحد لم يحصل له انتباه، كما يحصل عند تغير السياق.
و «الصبر» ليس بذل شيء؛ ولكنه تحمل شيء؛ وما سبق كله بذل شيء؛ فهو مختلف من حيث النوع: { من آمن... وأقام... وآتى... } كل هذه أفعال؛ لكن { الصابرين } ليس فعلاً؛ ولكنه تحمُّل.
و«الصبر» في اللغة الحبس؛ ومنه قولهم: فلان قُتل صبراً - أي حبساً؛ وأما في الشرع فإنه حبس النفس على طاعة الله، أو عن معصيته، أو على أقداره المؤلمة.
قوله تعالى: { في البأساء والضراء وحين البأس }: { البأساء } شدة الفقر؛ ومنه «البؤس» يعني الفقر؛ و{الضراء }: المرض؛ و{ حين البأس }: شدة القتل؛ فهم صابرون في أمور لهم فيها طاقة، وأمور لا طاقة لهم بها؛ { في البأساء } يعني: في حال الفقر؛ لا يحملهم فقرهم على الطمع في أموال الناس، ولا يشكون أمرهم لغير الله؛ بل يصبرون عن المعصية: لا يسرقون، ولا يخونون، ولا يكذبون، ولا يغشون؛ ولا تحملهم الضراء - المرض، وما يضر أبدانهم - على أن يتسخطوا من قضاء الله وقدره؛ بل هم دائماً يقولون بألسنتهم وقلوبهم: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً؛ كذلك حين البأس يصبرون، ولا يولون الأدبار - وهذا صبر على الطاعة؛ فتضمنت هذه الآية: { الصابرين في البأساء والضراء وحين البأس } الصبر بأنواعه الثلاثة: الصبر عن المعصية؛ وعلى الأقدار المؤلمة؛ وعلى الطاعة؛ والترتيب فيها للانتقال من الأسهل إلى الأشد.
قوله تعالى: { أولئك الذين صدقوا }؛ هذه شهادة من الله عز وجل؛ وهي أعلى شهادة؛ لأنها شهادة من أعظم شاهد سبحانه وتعالى؛ والمشار إليهم كل من اتصف بهذه الصفات؛ والإشارة بالبعيد لما هو قريب لأجل علو مرتبتهم.
وقوله تعالى: { الذين صدقوا } أي صدقوا الله، وصدقوا عباده بوفائهم بالعهد، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك؛ والصدق هو مطابقة الشيء للواقع؛ فالمخبر بشيء إذا كان خبره موافقاً للواقع صار صادقاً؛ والعامل الذي يعمل بالطاعة إذا كانت صادرة عن إخلاص، واتباع صار عمله صادقاً؛ لأنه ينبئ عما في قلبه إنباءً صادقاً.
قوله تعالى: { وأولئك هم المتقون } أي القائمون بالتقوى؛ و «التقوى» هي اتخاذ الوقاية من عذاب الله عز وجل بفعل أوامره، واجتناب نواهيه؛ وهذا أجمع ما قيل في تعريف التقوى؛ وتأمل كيف جاءت هذه الجملة بالجملة الاسمية المؤكدة؛ الجملة اسمية لدلالتها على الثبوت، والاستمرار؛ لأن الجملة الاسمية تدل على أنها صفة ملازمة للمتصف بها؛ وهذه الجملة مؤكدة بضمير الفصل: { هم }؛ لأن ضمير الفصل له ثلاث فوائد سبق ذكرها(105).
وقوله تعالى: { وأولئك هم المتقون }: هؤلاء جمعوا بين البر والتقوى؛ البر: بالصدق؛ والتقوى: بهذا الوصف: { أولئك هم المتقون }؛ وإنما قلنا: إن الصدق بر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر؛ وإن البر يهدي إلى الجنة»(106)؛ فجمعوا بين البر والتقوى؛ فهذا ما أمر الله به في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2] ؛ وكرر الإشارة مرة ثانية من باب التأكيد، والمدح، والثناء كأن كل جملة من هاتين الجملتين مستقلة.
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: أن البر حقيقة هو الإيمان بالله... إلخ؛ والإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجوده؛ والإيمان بربوبيته؛ والإيمان بألوهيته؛ والإيمان بأسمائه، وصفاته:
أما الإيمان بوجوده: فإنه دل عليه الشرع، والحس، والعقل، والفطرة:
أ - دلالة الشرع على وجوده سبحانه وتعالى واضحة من إرسال الرسل، وإنزال الكتب.
ب - دلالة الحس: فإن الله سبحانه وتعالى يدعى، ويجيب؛ وهذا دليل حسي على وجوده - تبارك وتعالى، كما في سورة الأنبياء، وغيرها من إجابة دعوة الرسل فور دعائهم، كقوله تعالى: {ونوحاً إذا نادى من قبل فاستجبنا له} [الأنبياء: 76] ، وقوله تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له} [الأنبياء: 83، 84] .
ج - دلالة العقل: أنّ ما من حادث إلا وله محدث، كما قال عز وجل: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [الطور: 35] ؛ هذا الكون العظيم بما فيه من النظام، والتغيرات، والأحداث لا بد أن يكون له موجِد مُحدِث يحدث هذه الأشياء - وهو الله عز وجل؛ إذ لا يمكن أن تَحدث بنفسها؛ لأنها قبل الوجود عدم؛ والعدم - كاسمه لا وجود له؛ ولا يمكن أن يحدثها مخلوق لِما فيها من العظم والعبر.
د - دلالة الفطرة: فإن الإنسان لو ترك وفطرته لكان مؤمناً بالله؛ والدليل على هذا قوله تعالى: {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44] ؛ حتى غير الإنسان مفطور على معرفة الرب عز وجل.
وأما الإيمان بربوبيته: فهو الإيمان بأنه وحده الخالق لهذا الكون المالك له المدبر له؛ وقد دل عليه ما سبق من الأدلة على وجوده؛ وقد أقر بذلك المشركون، كما في قوله تعالى: { قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله }؛ إلى غيرها من الآيات الكثيرة.
وأما الإيمان بألوهيته: فهو الإيمان بأنه لا إله في الوجود حق إلا الله عز وجل وكل ما سواه من الآلهة باطلة، كما قال تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير} [الحج: 62] ، فالله سبحانه وتعالى هو الإله الحق.
وأما الإيمان بأسمائه، وصفاته: فهو الإيمان بما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه، أو أثبتته له رسله من الأسماء والصفات إثباتاً بلا تمثيل، وتنزيهاً بلا تعطيل على حد قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] ؛ ودليل ذلك قوله تعالى: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } [الأعراف: 180] ؛ وقوله تعالى: { ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم } [النحل: 60] ووجه الدلالة: تقديم الخبر في الآيتين؛ لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
2 - ومن فوائد الآية: أن طاعة الله عز وجل من البر.
3 - ومنها: أن الإيمان باليوم الآخر من البر؛ ويشمل كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، كفتنة القبر، ونعيمه، وعذابه، وقيام الساعة، والبعث، والحساب، والصراط، والميزان، والكتب باليمين، أو الشمال، والجنة، وما ذُكر من نعيمها، والنار، وما ذكر من عذابها، وغير ذلك مما جاء في الكتاب، والسنة عن هذه الأمور مفصلاً أحياناً، ومجملاً أحياناً.
والإيمان باليوم الآخر يستلزم الاستعداد له بالعمل الصالح، ولهذا يقرن الله سبحانه وتعالى الإيمان باليوم الآخر بالإيمان به تعالى كثيراً لأن نتجية هذا الإيمان أن يقوم العبد بطاعته سبحانه وتعالى؛ فالذي يقول: إنه مؤمن باليوم الآخرة، ولكن لا يستعد له فدعواه ناقصة؛ ومقدار نقصها بمقدار ما خالف في الاستعداد؛ كما أنه لو قيل مثلاً لإنسان عنده حَبٌّ: إنه سينزل اليوم مطر، فظلَّل الحَبّ؛ معلوم أن الذي لا يؤمن بهذا الكلام لن يغطيه؛ كذلك لو قيل: سيأتي اليوم عدو، فشدد في الحراسة؛ إذا آمن بأنه سيأتي عدو شدَّد في الحراسة بجميع ما يمكن؛ فإذا لم يشدد في الحراسة علمنا أنه لم يؤمن به.
4 - ومن فوائد الآية: أن الإيمان بالملائكة من البر؛ ويشمل الإيمان بذواتهم، وصفاتهم، وأعمالهم إجمالاً فيما علمناه إجمالاً، وتفصيلاً فيما علمناه تفصيلاً؛ واعلم أن الملائكة - عليهم الصلاة السلام - منهم من عُين لنا، وعرفناه باسمه؛ ومنهم من لم يعين؛ فمن عين لنا وجب علينا أن نؤمن باسمه كما عين، مثل «جبريل» عليه السلام؛ وإسرافيل؛ ومالك - خازن النار -؛ ومنكر ونكير إن صح الحديث بهذا اللفظ(107) - ففيه نظر -؛ وميكائيل؛ وملك الموت - ولكننا لا نعرف اسمه؛ بعض الناس يقولون: عزرائيل؛ ولكن لم يصح هذا؛ وهاروت، وماروت؛ ثم كذلك أعمالهم منهم من علمنا أعماله؛ ومنهم من لم نعلم؛ لكن علينا أن نؤمن على سبيل الإطلاق بأنهم عباد مكرمون، وممتثلون لأمر الله عز وجل، لهم نصيب من تدبير الخلق بإذن الله؛ منهم الموكل بالقطر، والنبات؛ والموكل بالنفخ في الصور؛ وفيهم ملائكة موكلة بالأجنة؛ وملائكة موكلة بكتابة أعمال بني آدم؛ وملائكة موكلة بحفظ بني آدم؛ كما قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} [الرعد: 11] ؛ لكن كل هذا بأمر الله عز وجل وبإذنه؛ وليس لهم منازعة لله عز وجل، ولا معاونة في أي شيء من الكون؛ قال الله تعالى: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} [سبأ: 22، 23فنفى جميع ما يتعلق به المشركون: {لا يملكون مثقال ذرة} [سبأ: 22] انفراداً؛ {وما لهم فيهما من شرك} [سبأ: 22] مشاركة؛ {وما له منهم من ظهير} [سبأ: 22] معاونة؛ {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} [سبأ: 23] : فنفى الشفاعة، والوساطة إلا بإذنه، ثم قال تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم} [سبأ: 23] : وهم الملائكة إذا سمعوا الوحي صعقوا؛ فليس لهم أي شيء في التصرف في الكون؛ لكنهم يمتثلون أمر الله عز وجل.
5 - ومن فوائد الآية: أن الإيمان بالكتب من البر؛ وكيفيته أن نؤمن بأن كل كتاب أنزله الله على أحد من رسله فهو حق: صدق في الأخبار، وعدل في الأحكام؛ ولكننا لا نكلف بالعمل بما فيها فيما جاءت شريعتنا بخلافه؛ واعلم أنه ما من رسول إلا معه كتاب؛ ودليل ذلك قوله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان} [الحديد: 25] أي مع هؤلاء الرسل، وقوله تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} [البقرة: 213] ؛ فما من رسول إلا معه كتاب؛ والكتب المعروفة لدينا هي التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم، وصحف موسى، والقرآن الكريم؛ وصحف موسى اختلف العلماء أهي التوراة أو غيرها، فمنهم من قال: إنها غيرها؛ ومنهم من قال: إنها هي؛ وأما ما لم نعلم به فنؤمن به إجمالاً؛ فتقول بقلبك، ولسانك: آمنت بكل كتاب أنزله الله على كل رسول؛ ثم إن المراد أن نؤمن بأن الله أنزل على موسى كتاباً يسمى التوراة؛ وعلى عيسى كتاباً يسمى الإنجيل؛ وعلى داود كتاباً يسمى الزبور؛ أما أن تؤمن بالموجود منها الآن فليس بواجب عليك؛ لأنه محرف، ومغير، ومبدل؛ لكن تؤمن بأن له أصلاً نزل على هؤلاء الرسل.
6 - ومن فوائد الآية: أن الإيمان بالنبيين من البر؛ فنؤمن بكل نبي أوحى الله إليه؛ فمن علمنا منهم نؤمن به بعينه؛ والباقي إجمالاً؛ وقد ورد في حديث صححه ابن حبان أن عدة الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر رسولاً؛ وأن عدة الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألفاً(108)؛ فإن صح الحديث فهو خبر معصوم يجب علينا الإيمان به؛ وإن لم يصح فإن الله تعالى يقول: { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك } [غافر: 78] ؛ ونحن لا نكلف الإيمان إلا بما بلغنا؛ فالذين علمناهم من الرسل يجب علينا أن نؤمن بهم بأعيانهم؛ والذين لم نعلمهم نؤمن بهم إجمالاً، كما قال تعالى: { كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله } [البقرة: 285] ؛ وقد ذكر في القرآن أربعة وعشرون رسولاً؛ قال تعالى: {ووهبنا له} [الأنعام: 84] أي إبراهيم: {إسحاق ويعقوب كلًّا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلًّا فضلنا على العالمين} [الأنعام: 84 - 86]؛ فهؤلاء ثمانية عشر؛ ويبقى شعيب، وصالح، وهود، وإدريس، وذو الكفل، ومحمد صلى الله عليه وسلم.
7 - ومن فوائد الآية: أن إعطاء المال على حبه من البر؛ وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به وقال: إن الله يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92] ؛ وعندما سمع أبو طلحة هذه الآية تصدق ببستانه الذي هو أحب شيء إليه من ماله؛ لا لأنه بستانه فقط؛ ولكن لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي إليه، ويشرب فيه من ماء طيب، وكان قريباً من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولما نزلت الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: «يا رسول الله، إن الله أنزل هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}؛ وإن أحب مالي إليّ «بيرُحاء»؛ وإني أضعها صدقة إلى الله ورسوله؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بخ! بخ! ذاك مال رابح! ذاك مال رابح! أرى أن تجعله في الأقربين»(109).
8 - ومن فوائد الآية: أن إعطاء ذوي القربى أولى من إعطاء اليتامى، والمساكين؛ لأن الله بدأ بهم، فقال تعالى: { وآتى المال على حبه ذوي القربى }؛ فلو سأل سائل: هل الأفضل أن أعطي القرابة، أو اليتامى؟ لقلنا: أعطِ القرابة؛ اللهم إلا إن يكون هناك ضرورة في اليتامى ترجح إعطاءهم؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تقديم صلة الرحم على العتق(110)؛ واعلم أن الحكم إذا علق بوصف تختلف أفراده فيه قوة وضعفاً، فإنه يزداد قوة بقوة ذلك الوصف؛ فإذا كان معلقاً بالقرابة فكل من كان أقرب فهو أولى؛ وأقرب الناس إليك، وأحقهم بالبر: أمك، وأبوك.
9 - ومن فوائد الآية: أن لليتامى حقاً؛ لأن الله امتدح من آتاهم المال؛ لقوله تعالى: { واليتامى } سواء كانوا فقراء، أم أغنياء.
10 - ومنها: إثبات رحمة الله عز وجل، حيث ندب إلى إتيان المال لليتامى، والمساكين؛ لأن هذا لا شك من الرحمة بهم.
11 - ومنها: أن لابن السبيل حقاً - ولو كان غنياً في بلده.
12 - ومنها: أن إعطاء السائل من البر - وإن كان غنياً؛ لعموم قوله تعالى: { والسائلين }.
فإذا قال قائل: إذا كان مؤتي المال للسائلين من أهل البر فكيف يتفق، والتحذير من سؤال الناس؟
فالجواب: أنه لا معارضة؛ لأن الجهة منفكة؛ فالممدوح: المعطي؛ والمحذَّر: السائل المعطى؛ فإذا انفكت الجهة فلا تعارض؛ فلو رأيت مبتلى بهذه المهنة - وهي مهنة سؤال الناس - فأعطه إذا سألك، ثم انصحه، وحذره؛ لتكون مؤتياً للمال، وناصحاً للسائل؛ لأن بعض الناس - والعياذ بالله - نعلم علم اليقين - أو يغلب على الظن المؤكد - أنه غني؛ وإنما سأل الناس تكثراً؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن: «من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً؛ فليستقل، أو ليستكثر»(111)؛ وأنه «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وما في وجهه مزعة لحم»(112).
13 - ومن فوائد الآية: أن إعتاق الرقاب من البر؛ لقوله تعالى: { وفي الرقاب }؛ والمال المبذول في الرقاب لا يعطى الرقبة؛ وإنما يعطى مالك الرقبة؛ فلهذا أتى بـ { في } الدالة على الظرفية؛ والرقاب ذكر أهل العلم أنها ثلاثة أنواع:
أ - عبد مملوك تشتريه، وتعتقه.
ب - مكاتب اشترى نفسه من سيده، فأعنته في كتابته.
ج - أسير مسلم عند الكفار، فافتديته؛ وكذلك لو أسر عند غير الكفار، مثل الذين يختطفون الآن - والعياذ بالله؛ إذا طلب المختطفون فدية فإنه يفك من الزكاة؛ لأن فيها فك رقبة من القتل.
14 - ومنها: أن إقامة الصلاة من البر؛ لقوله تعالى: { وأقام الصلاة }.
15 - ومنها: أن إيتاء الزكاة للمستحقين لها من البر.
16 - ومنها: الثناء على الموفين بالعهد، وأن الوفاء به من البر؛ والعهد عهدان: عهد مع الله عز وجل؛ وعهد مع الخلق.
فالعهد الذي مع الله بينه بقوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} [الأعراف: 172] ، وقوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضاً حسناً لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار} [المائدة: 12] ، وقوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} [البقرة: 40] ؛ فالعهد الذي عهد الله به إلينا أن نؤمن به رباً، فنرضى بشريعته؛ بل بأحكامه الكونية، والشرعية؛ هذا العهد الذي بيننا، وبين ربنا.
أما العهد الذي بيننا، وبين الناس فأنواعه كثيرة جداً غير محصورة؛ منها العقود، مثل عقد البيع، وعقد الإجارة، وعقد الرهن، وعقد النكاح، وغير ذلك؛ لأنك إذا عقدت مع إنسان التزمت بما يقتضيه ذلك العقد؛ إذاً فكل عقد فهو عهد؛ ولهذا قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة: 1] ، وقال تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً} [الإسراء: 34] ؛ ومن العهود بين الخلق؛ ما يجري بين المسلمين وبين الكفار؛ وهو ثلاثة أنواع: مؤبد؛ ومقيد؛ ومطلق؛ فأما المؤبد فلا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى إبطال الجهاد؛ وأما المقيد فبحسب الحاجة - وإن طالت المدة على القول الراجح - لأنه عهد دعت إليه الحاجة؛ فيتقيد بقدرها؛ وقيل: لا تجوز الزيادة فيه على عشرة سنوات؛ لأن الأصل وجوب قتال الكفار، وأبيح العهد في عشر سنوات تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية؛ والصحيح الأول؛ ويجاب عن عهد الحديبية بأن الحادثة لا تقتضي الزيادة؛ وأما المطلق فهو الذي لم يؤبد، ولم يحدد؛ وهو جائز على القول الراجح عند الحاجة إليه؛ فمتى وجد المسلمون الحاجة إليه عقدوه؛ وإذا زالت الحاجة عاملوا الكفار بما تقتضيه الحال؛ ولا حجة للكفار فيه؛ لأنه مطلق.
والمعاهدون من الكفار لهم ثلاث حالات؛ الحال الأولى: أن يستقيموا لنا؛ الحالة الثانية: أن يخونوا؛ الحال الثالثة: أن نخاف منهم الخيانة؛ فإن استقاموا لنا وجب علينا أن نستقيم لهم؛ ولا يمكن أن نخون أبداً؛ لقوله تعالى (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين) [التوبة: 7]؛ وإن خانوا انقض عهدهم، ووجب قتالهم؛ لقوله تعالى: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم) [التوبة: 12]؛ وإن خفنا منهم الخيانة وجب أن ننبذ إليهم عهدهم على سواء؛ لقوله تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء} [الأنفال: 58] : نخبرهم أن لا عهد بيننا ليكونوا على بصيرة؛ ومن العهد أيضاً ما يقع بين الإنسان وبين غيره من الالتزامات غير العقود، مثل الوعد؛ فإن الوعد من العهد؛ ولهذا اختلف أهل العلم هل يجب الوفاء بالوعد، أو لا يجب؛ والصحيح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يجب الوفاء بالوعد؛ لأنه داخل في العهد، ولأن إخلاف الوعد من علامات النفاق؛ وإذا كان كذلك فلا يجوز للمؤمن أن يتحلى بأخلاق المنافقين.
17 - ومن فوائد الآية: أن الصبر من البر؛ وهو ثلاثة أنواع:
الأول: الصبر على طاعة الله ، بأن يتحمل الصبر على الطاعة من غير ضجر، ولا كراهة.
الثاني: الصبر عن معصية الله ، بأن يحمل نفسه على الكف عن معصية الله إذا دعته نفسه إليها.
الثالث: الصبر على أقدار الله المؤلمة التي لا تلائم الطبيعة بأن لا يتسخط من المقدور، ولا يتضجر؛ بل يحبس نفسه عن ذلك: قال الله تعالى: {وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 155 - 157] .
وأعلى هذه الأنواع: الصبر على طاعة الله؛ لأن فيه تحملاً، ونوعاً من التعب بفعل الطاعة؛ ثم الصبر عن المعصية؛ لأن فيه تحملاً، وكفاً عن المعصية؛ والكف أهون من الفعل؛ ثم الصبر على أقدار الله المؤلمة، لأنه على شيء لا اختيار للعبد فيه، ولهذا قيل: «إمّا أن تصبر صبر الكرام، وإمّا أن تسلوَ سلوّ البهائم».
18 - ومن فوائد الآية: أن ما ذُكر هو حقيقة الصدق مع الله، ومع الخلق؛ لقوله تعالى: { أولئك الذين صدقوا }؛ فصدقهم مع الله، حيث قاموا بهذه الاعتقادات النافعة: الإيمان بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين؛ وأنهم أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وبذلوا المحبوب في هذه الجهات؛ وأما صدقهم مع الخلق يدخل في قوله تعالى: { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا }؛ وهذا من علامات الصدق؛ ولهذا قال تعالى: { أولئك الذين صدقوا }؛ فصدقوا في اعتقاداتهم، وفي معاملاتهم مع الله، ومع الخلق.
19 - ومن فوائد الآية أن ما ذكر من تقوى الله عز وجل؛ لقوله تعالى: { وأولئك هم المتقون }؛ وسبق أنها إذا جمعت مع البر صارت التقوى ترك المحرمات، وصار البر فعل المأمورات؛ وإذا افترقا دخل أحدهما في الآخر؛ وفي هذه الآية قال تعالى: { وأولئك هم المتقون } مع أنهم قائمون بالبر؛ فدل هذا على أن القيام بالبر من التقوى؛ لأن حقيقة الأمر أن القائم بالبر يرجو ثواب الله، ويخشى عقاب الله.
20 - ومنها: أن هؤلاء فقط هم المتقون؛ ونفهم ذلك من الحصر وطريقه هنا أمران:
أ - تعريف طرفي الجملة.
ب - ضمير الفصل.
تــنــبــيــه:
ظاهر الآية الكريمة العموم في إتيان المال لهؤلاء المذكورين في الآية: القرابة، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، والسائلين، وفي الرقاب؛ فظاهر الآية العموم للمسلمين، والكافرين؛ لكنه غير مراد؛ بل هي خاصة بالمسلم؛ وأما الكافر فلا بأس من بره، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا، ولم يخرجونا من ديارنا؛ لقوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} [الممتحنة: 8] ؛ وعلى هذا فإذا كان الكافر يقاتلنا بنفسه بأن يكون هذا الرجل المعين مقاتلاً، أو يقاتلنا حكماً، مثل أن يكون من دولة تقاتل المسلمين فإنه لا يجوز بره، ولا إعطاؤه المال؛ لأنه مستعد حكماً للقتال: إذا أمرته دولته بقتال فإنه يلبي؛ وما دام حرباً للمسلمين فإنه يريد إعدام المسلمين، وليس أهلاً للإحسان إليه.

رابط الأصل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالأربعاء يناير 13, 2010 10:55 am

يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الشورى:

وَهُوَ الذِي يُنَزلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِي الْحَمِيدُ. وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَث فِيهِمَا مِن دَابةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ. وَمَا أَصَابَكُم من مصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم من دُونِ اللهِ مِن وَلِي وَلَا نَصِيرٍ. وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الريحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لكُل صَبارٍ شَكُورٍ. أَوْ يُوبِقْهُن بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ”.

في هذه الآيات الكريمة يسوق سبحانه وتعالى ألوانا من نعمه على عباده، وكلها تدل على وحدانية وكمال قدرته ومعنى قوله: “وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا” أنه سبحانه هو الذي ينزل المطر على عباده من بعد أن انتظروه فترة طويلة حتى ظهرت على ملامحهم علامات اليأس وبدت على وجوهم إمارات القنوط.
وقوله سبحانه “وينشر رحمته” معطوف على “ينزل” أي ينزل الأمطار بعد يأس الناس من نزولها، وينشر رحمته عليهم عن طريق ما نتج عن هذه الأمطار من خيرات وبركات وأرزاق.
وهو سبحانه “الولي” أي الذي يتولى عباده برحمته وإحسانه “الحميد” أي المحمود على فعله، حيث أنزل على عباده الغيث بعد أن يئسوا منه.

مبدع الكون

ثم بين سبحانه لونا آخر من ألوان كمال قدرته فقال: “ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة”.
والمعنى: ومن العلامات الناصعة الدالة على كمال قدرته تعالى خلقه للسماوات وللأرض بتلك الصورة الباهرة البديعة التي نشاهدها بأعيننا وما نشر وفرق فيهما من دواب لا يعلم عددها إلا الله تعالى.
وقوله تعالى: “وهو على جمعهم إذا يشاء قدير” بيان لكمال قدرته عز وجل أي وهو سبحانه قادر قدرة تامة على جمع الخلائق يوم القيامة للحساب والجزاء. كما قال سبحانه في آية أخرى “قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم”.
ثم بين سبحانه أن ما يصب الناس من بلاء إنما هو بسبب أعمالهم فقال: “وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير”.
أي وما أصابكم أيها الناس من بلاء كمرض وخوف وفقر فإنما هو بسبب ما اكتسبتموه من ذنوب، وما اقترفتموه من خطايا ويعفو سبحانه عن كثير من السيئات التي ارتكبتموها، فلا يحاسبكم عليها رحمة منه بكم قال تعالى: “ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة”.

تحذير من العقاب

ثم حذر سبحانه الناس من عقابه فقال: “وما أنتم بمعجزين في الأرض، وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير”.
أي وما أنتم أيها الناس بقادرين على الهرب منا في أي مكان من الأرض أو في غيرها لأن قدرتنا لا يعجزها أن تأتي بكم من أي مكان كنتم فيه، وليس لكم غير الله من ولي يتولى أموركم، أو نصير يدفع عنكم عذابه.
قال تعالى: “ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم”. ثم ساق سبحانه بعد ذلك جانبا من دلائل قدرته عن طريق ما يشاهده الناس في البحر، فقال تعالى: “ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام”.
أي ومن آياته سبحانه الدالة على كمال قدرته هذه السفن الجارية في البحر، حتى لكأنها من ضخامتها وعظمها الجبال الشاهقة.
“إن يشأ” سبحانه يسكن الريح التي بسببها تجري السفن في البحار فيظللن رواكد على ظهره، أي: فيصرن ثوابت على ظهر البحر لا يجرين. يقال: ركد الماء ركودا من باب قعد إذا سكن، فهو راكد وكل شيء ثابت في مكانه فهو راكد.
“إن في ذلك” الذي ذكرناه لكم من السفن المسخرة في البحر بأمره تعالى: “لآيات” عظيمات “لكل صبار شكور” أي لكل إنسان قد تحلى بصفتي الصبر والشكر لله تعالى حتى صارت هاتان الصفتان سجية من سجاياه “أو يوبقهن بما كسبوا” أي يهلكهن ويغرقهن بسب ما اكتسبه الراكبون في هذه السفن من ذنوب وخطايا
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالسبت يناير 30, 2010 10:38 pm

تفسير سورة الماعون
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ ﴾

﴿ أَرَءَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾.

البسملة تقدم الكلام عليها.

يقول الله تبارك وتعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين} {أرأيت} الخطاب هل هو للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه الذي أنزل عليه القرآن؟ أو هو عام لكل من يتوجه إليه الخطاب؟ العموم أولى فنقول: {أرأيت الذي} عام لكل من يتوجه إليه الخطاب، {أرأيت الذي يكذب بالدين} أي بالجزاء، وهؤلاء هم الذين ينكرون البعث ويقولون: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الواقعة: 47]. ويقول القائل منهم: {من يحيي العظام وهي رميم} [يس: 78]. هؤلاء يكذبون بيوم الدين أي: بالجزاء. {فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين} فجمع بين أمرين:

الأمر الأول: عدم الرحمة بالأيتام الذين هم محل الرحمة؛ لأن الأيتام هم الذين مات آباؤهم قبل أن يبلغوا، وهم محل الشفقة والرحمة؛ لأنهم فاقدون لآبائهم فقلوبهم منكسرة يحتاجون إلى جابر. ولهذا وردت النصوص بفضل الإحسان إلى الأيتام. لكن هذا ـ والعياذ بالله ـ {يدع اليتيم} أي: يدفعه بعنف، لأن الدع هو الدفع بعنف كما قال الله تعالى: {يوم يدعون إلى نار جهنم دعًّا} [الطور: 13]. أي: دفعاً شديداً، فتجد اليتيم إذا جاء إليه يستجديه شيئاً، أو يكلمه في شيء يحتقره ويدفعه بشدة فلا يرحمه.

الأمر الثاني: لا يحثون على رحمة الغير {ولا يحض على طعام المسكين} فالمسكين الفقير المحتاج إلى الطعام لا يحض هذا الرجل على إطعامه؛ لأن قلبه حجر قاسٍ، فقلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة. إذاً ليس فيه رحمة لا للأيتام ولا للمساكين، فهو قاسي القلب.

ثم قال عز وجل: {فويل للمصلين} ويل: هذه كلمة وعيد وهي تتكرر في القرآن كثيراً، والمعنى الوعيد الشديد على هؤلاء، {الذين هم عن صلاتهم ساهون} هؤلاء مصلون يصلون مع الناس أو أفراداً لكنهم {عن صلاتهم ساهون} أي: غافلون عنها، لا يقيمونها على ما ينبغي، يؤخرونها عن الوقت الفاضل، لا يقيمون ركوعها، ولا سجودها، ولا قيامها، ولا قعودها، لا يقرأون ما يجب فيها من قراءة سواء كانت قرآناً أو ذكراً، إذا دخل في صلاته هو غافل، قلبه يتجول يميناً وشمالاً، فهو ساهٍ عن صلاته، وهذا مذموم، الذي يسهو عن الصلاة ويغفل عنها ويتهاون بها لا شك أنه مذموم. أما الساهي في صلاته فهذا لا يُلام، والفرق بينهما أن الساهي في الصلاة معناه أنه نسي شيئاً، نسي عدد الركعات، نسي شيئًا من الواجبات وما أشبه ذلك. ولهذا وقع السهو من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أشد الناس إقبالاً على صلاته بل إنه قال عليه الصلاة والسلام: «جعلت قرة عيني في الصلاة»(222)، ومع ذلك سهى في صلاته لأن السهو في الشيء معناه أنه نسي شيئًا على وجه لا يلام عليه. أما الساهي عن صلاته فهو متعمد للتهاون في صلاته، ومن السهو عن الصلاة أولئك القوم الذين يدعون للصلاة مع الجماعة، فإنهم لا شك عن صلاتهم ساهون فيدخلون في هذا الوعيد. {فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يرآءون} أيضاً إذا فعلوا الطاعة فإنما يقصدون بها التزلف إلى الناس، وأن يكون لهم قيمة في المجتمع، ليس قصدهم التقرب إلى الله عز وجل، فهذا المرائي يتصدق من أجل أن يقول الناس ما أكرمه، هذا المصلي يحسن صلاته من أجل أن يقول الناس ما أحسن صلاته وما أشبه ذلك. هؤلاء يراءون، فأصل العبادة لله، لكن يريدون مع ذلك أن يحمدهم الناس عليها، ويتقربون إلى الناس بتقربهم إلى الله، هؤلاء هم المراءون. أما من يصلي لأجل الناس بمعنى أنه يصلي بين يدي الملك مثلاً أو غيره يخضع له ركوعاً، أو سجوداً فهذا مشرك كافر قد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. لكن هذا يصلي لله مع مراعاة أن يحمده الناس على عبادته، على أنه عابد لله عز وجل. وهذا يقع كثيراً في المنافقين. كما قال الله تعالى: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً} [النساء: 142]. انظر إلى هذا الوصف إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، إذاً هم عن صلاتهم ساهون. يراءون الناس. وهنا يقول الله عز وجل: {الذين هم يراؤن} فهل الذين يسمّعون مثلهم؟ يعني إنسان يقرأ قرآنًا ويجهر بالقراءة ويحسن القراءة، ويحسن الأداء والصوت من أجل أن يقال ما أقرأه. هل يكون مثل الذي يرائي؟ الجواب: نعم كما جاء في الحديث، «من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به»(223)، المعنى من سمّع فضحه الله وبين للناس أن الرجل ليس مخلصاً، ولكنه يريد أن يسمعه الناس: فيمدحوه على عبادته، ومن راءى كذلك راءى الله به، فالإنسان الذي يرائي الناس، أو يسمّع الناس سوف يفضحه الله، وسوف يتبين أمره إن عاجلاً أم آجلاً. {ويمنعون الماعون} أي: يمنعون ما يجب بذله من المواعين وهي الأواني، يعني يأتي الإنسان إليهم يستعير آنية. يقول: أنا محتاج إلى دلو، أو محتاج إلى إناء أشرب به، أو محتاج إلى مصباح كهرباء وما أشبه ذلك، فيمنع. فهذا أيضاً مذموم. ومنع الماعون ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: قسم يأثم به الإنسان.

القسم الثاني: قسم لا يأثم به، لكن يفوته الخير.

فما وجب بذله فإن الإنسان يأثم بمنعه، وما لم يجب بذله فإن الإنسان لا يأثم بمنعه لكن يفوته الخير. مثال ذلك: إنسان جاءه رجل مضطر يقول: أعطني ماءً أشربه، فإن لم أشرب مت، فبذل الإناء له واجب يأثم بتركه الإنسان، حتى إن بعض العلماء يقول: لو مات هذا الإنسان فإنه يضمنه بالدية، لأنه هو سبب موته ويجب عليه بذل ما طلبه.

فيجب على المرء أن ينظر في نفسه هل هو ممن اتصف بهذه الصفات أو لا؟ إن كان ممن اتصف بهذه الصفات قد أضاع الصلاة وسها عنها، ومنع الخير عن الغير فليتب وليرجع إلى الله، وإلا فليبشر بالويل ـ والعياذ بالله ـ وإن كان قد تنزه عن ذلك فليبشر بالخير، والقرآن الكريم ليس المقصود منه أن يتلوه الإنسان، ليتعبد لله تعالى بتلاوته فقط، المقصود أن يتأدب به ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلّم كان خلقه القرآن».(224) خُلقه يعني أخلاقه التي يتخلق بها يأخذها من القرآن. وفقنا الله لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة. إنه على كل شيء قدير.

--------------------------------

(222) تقدم تخريجه ص (242) .

(223) أخرجه البخاري كتاب الرقاق ، باب الرياء والسمعة (6499) ومسلم كتاب الزهد تحريم الرياء (2986) (47) .

(224) أخرجه مسلم كتاب صلاة المسافرين باب جامع صلاة الليل (746) (139) .
المصدر موقع الشيخ ابن عثميين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
jorjina
مشرفة عامة

مشرفة عامة
jorjina


الدولة : في رحاب ايه Saudi_aC
المدينة : في دروب الوفاء
الجنس : انثى
المهنة : في رحاب ايه Office10
المزاج : سعيدة دوماً ولله الحمد
العمل/الترفيه : دارة في دور التحفيظ
عدد الرسائل : 526
عدد النقاط : 626
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 12/10/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالإثنين مارس 01, 2010 1:41 am

في رحاب ايه 573985
جزاك الله خيرا على هذا المجهود العظيم
جعله الله في ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالإثنين مارس 01, 2010 11:13 am

jorjina كتب:
في رحاب ايه 573985
جزاك الله خيرا على هذا المجهود العظيم
جعله الله في ميزان حسناتك
ولك من الله الجزاء بالمثل غاليتي
وفقك الله ونفع بك وسدد خطاك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالسبت أبريل 10, 2010 8:57 am

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ. إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}


لما بيَّن تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه المستقل بالخلق، شرع يبين أنه الرزاق لجميع خلقه، فذكر في مقام الامتنان أنه أباح لهم أن يأكلوا مما في الأرض، في حال كونه حلالاً من اللّه طيباً أي مستطاباً في نفسه، غير ضار للأبدان ولا للعقول، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان، وهي طرائقه ومسالكه فيما أضل أتباعه فيه، مما كان زينه لهم في جاهليتهم، كما في حديث عياض بن حمارعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(يقول اللّه تعالى إن كل مال منحته عبادي فهو لهم حلال - وفيه - وإني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم‏) ‏"‏رواه مسلم ومعنى ‏"‏اجتالتهم‏"‏‏:‏ صرفتهم عن الهدى إلى الضلالة. وقوله تعالى‏:‏ ‏{إنه لكم عدو مبين}‏ تنفير عنه وتحذير منه، كما قال‏:‏ ‏{‏إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوا‏} قال قتادة والسُّدي‏:‏ كل معصية للّه فهي من خطوات الشيطان‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}‏ أي إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه، وأغلظُ من ذلك وهو القول على اللّه بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضاً ‏
.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالسبت أبريل 10, 2010 9:02 am

يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الكهف: “ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً، إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً” (الآيتان 23 24).

في هاتين الآيتين ينهى الله عز وجل نبيه وكل المسلمين عن الإخبار عن فعل شيء في المستقبل إلا بعد تقديم مشيئة الله عز وجل.
قال العلماء في سبب نزول الآيتين: عاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على قوله للكفار حين سألوه عن الروح والفتية وذي القرنين: غداً أخبركم بجواب أسئلتكم. فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه، وأرجف الكفار به، فنزلت عليه هذه السورة مفرجة، وأمر في هذه الآية ألا يقول في أمر من الأمور إني أفعل غدا كذا وكذا، إلا أن يعلق ذلك بمشيئة الله عز وجل حتى لا يكون محققا لحكم الخبر، فإنه إذا قال: لأفعلن ذلك ولم يفعل كان كاذبا، وإذا قال: لأفعلن ذلك إن شاء الله خرج عن أن يكون محققا للمخبر عنه.
والمراد بالغد: ما يستقبل من الزمان، ويدخل فيه اليوم الذي يلي اليوم الذي أنت فيه دخولاً أولياً.

المشيئة الإلهية

أي: ولا تقولن أيها الرسول الكريم لأجل شيء تعزم على فعله في المستقبل إني فاعل ذلك الشيء غدا، إلا وأنت مقرن قولك هذا بمشيئة الله تعالى وإذنه بأن تقول: سأفعل هذا الشيء غدا بإذن الله ومشيئته، فإن كل حركة من حركاتك ومن حركات غيرك مرهونة بمشيئة الله تعالى وإرادته، وما يتعلق بمستقبلك ومستقبل غيرك من شؤون هو في علم الله تعالى وحده.
وليس المقصود من الآية الكريمة كما أكد العلماء نهي الإنسان عن التفكير في أمر مستقبله، وإنما المقصود نهيه عن الجزم بما سيقع في المستقبل، لأن ما سيقع علمه عند الله تعالى وحده.
والعاقل من الناس هو الذي يباشر الأسباب التي شرعها الله تعالى، سواء أكانت هذه الأسباب تتعلق بالماضي أم بالحاضر أم بالمستقبل، ثم يقرن كل ذلك بمشيئة الله تعالى وإرادته، فلا يقول: سأفعل غداً كذا وكذا لأنني أعددت العدة لذلك، وإنما يقول سأفعل غدا كذا وكذا إذا شاء الله تعالى ذلك وأراد، وأن يوقن بأن إرادة الله فوق إرادته وتدبيره سبحانه فوق كل تدبير.

“واذكر ربك إذا نسيت”

وقوله: “واذكر ربك إذا نسيت” تأكيد لما قبله. أي: اذكر ربك سبحانه إذا نسيت تعليق القول بالمشيئة. أي عند تذكرك بأنك لم تقرن قولك بمشيئة الله، فات بها. وللعلماء في تفسير قوله تعالى: “واذكر ربك إذا نسيت” قولان:
الأول: أن هذه الجملة مرتبطة ومتعلقة بما قبلها والمعنى: إنك إن قلت سأفعل غدا كذا ونسيت أن تقول إن شاء الله، ثم تذكرت بعد ذلك فقل: إن شاء الله، أي: اذكر ربك معلقا على مشيئته ما تقول إنك ستفعله غدا إذا تذكرت بعد النسيان. وهذا القول هو الظاهر لأنه يدل عليه ما قبله وهو قوله تعالى: “ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله”.

الثاني: إن هذه الجملة “واذكر ربك إذا نسيت” لا تعلق لها بما قبلها، وأن المعنى: إذا وقع منك النسيان لشيء فاذكر ربك، لأن النسيان من الشيطان، كما قال عز وجل عن فتى موسى: “وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره..”. وعلى هذا القول يكون المراد بالذكر التسبيح والاستغفار لكن الرأي الأول هو الأرجح وهو رأي جمهور العلماء.

ثم ختم سبحانه الآية الكريمة بقوله: “وقل عسى أن يهدين رب لأقرب من هذا رشدا” أي قدم أيها الرسول الكريم مشيئة ربك عند إرادة فعل شيء، وات بها إذا نسيت ذلك عند التذكر، وقل عسى أن يوفقني ربي ويهديني ويدلني على شيء أقرب في الهداية والإرشاد من هذا الذي قصصته عليكم من أمر أصحاب الكهف
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالسبت مايو 01, 2010 11:26 am

آية هي وربي مصدر الرحمة ورمز من رموز الرأفة

تنادي من أسرف في دنياه أن لا يقنط من رحمة ربه ومولاة

ألا وهي

قول الله عز وجل في سورة الشورى:

وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
فقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد أولياءه وأهل طاعته، قيل التوبة ترك المعاصي نية وفعلا والإقبال على الطاعة نية وفعلا قال سهل بن عبد الله: التوبة الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة. (تفسير البغوي/باب25/ج7/ص193)

ففي هذه الآية بيان لكمال كرم الله تعالى وسعة جوده وتمام لطفه، بقبول التوبة الصادرة من عباده حين يقلعون عن ذنوبهم ويندمون عليها، ويعزمون على أن لا يعاودوها، إذا قصدوا بذلك وجه ربهم، فإن الله يقبلها بعد ما انعقدت سببا للهلاك، ووقوع العقوبات الدنيوية والدينية. (تفسير السعدي/باب25/ص758)

قال عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري في قوله:{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } : إن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته (6) في المكان الذي يخاف أن يقتله العطش فيه" (7) .

وقال همام بن الحارث: سئل ابن مسعود عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها؟ قال: لا بأس به، وقرأ: { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } الآية رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم من حديث شريك القاضي، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، عن همام فذكره..(تفسير ابن كثير/باب25/ج 7/ص204)

وقوله: { وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ } أي: يقبل التوبة في المستقبل ويعفو عن السيئات في الماضي (تفسير ابن كثير/باب25/ج 7/ص204)

وقيل { وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ } ويمحوها، ويمحو أثرها من العيوب، وما اقتضته من العقوبات، ويعود التائب عنده كريما، كأنه ما عمل سوءا قط، ويحبه ويوفقه لما يقر به إليه.

{ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } أي: هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم، ومع هذا يتوب على من تاب إليه.(تفسير ابن كثير/باب25/ج 7/ص204)

وذكر السعدي رحمه الله في تفسير سبب ختم الله الآية بقوله{ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } ولما كانت التوبة من الأعمال العظيمة، التي قد تكون كاملة بسبب تمام الإخلاص والصدق فيها، وقد تكون ناقصة عند نقصهما، وقد تكون فاسدة إذا كان القصد منها بلوغ غرض من الأغراض الدنيوية، وكان محل ذلك القلب الذي لا يعلمه إلا الله، ختم هذه الآية بقوله: { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } فالله تعالى، دعا جميع العباد إلى الإنابة إليه والتوبة من التقصير(تفسير السعدي/باب25/ص758)

وقال صاحب الظلال في تفسيره لهذه الآية : تجيء لترغيب من يريد التوبة والرجوع عما هو فيه من ضلالة ، قبل أن يقضى في الأمر القضاء الأخير . ويفتح لهم الباب على مصراعيه : فالله يقبل عنهم التوبة ، ويعفو عن السيئات؛ فلا داعي للقنوط واللجاج في المعصية ، والخوف مما أسلفوا من ذنوب . والله يعلم ما يفعلون . فهو يعلم التوبة الصادقة ويقبلها . كما يعلم ما أسلفوا من السيئات ويغفرها .

(في ظلال القرآن/باب20/ج7/ص323)

ختاماً هذه الآية من الآيات العظيمة التي يبشر الله بها عبادة أنه مهما عظمت ذنوبهم وكثرت آثامهم وخطيئاتهم فبابه مفتوح ورحمته واسعة ,فان تأبوا وأبوا إلى الله توبة نصوحا قَبِل توبتهم وأبوتهم وغفر لهم

الى الملتقى في رحاب ايه جديده


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالخميس يونيو 03, 2010 11:25 am

قوله تعالى : لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون

قوله تعالى : لا يقاتلونكم جميعا يعني اليهود

إلا في قرى محصنة أي بالحيطان والدور ; يظنون أنها تمنعهم منكم .

أو من وراء جدر أي من خلف حيطان يستترون بها لجبنهم ورهبتهم . وقراءة العامة ( جدر ) على الجمع ، وهو اختيار أبي عبيدة وأبي حاتم ; لأنها نظير قوله تعالى : في قرى محصنة وذلك جمع . وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن كثير وابن [ ص: 33 ] محيصن وأبو عمرو " جدار " على التوحيد ; لأن التوحيد يؤدي عن الجمع . وروي عن بعض المكيين " جدر " ( بفتح الجيم وإسكان الدال ) ; وهي لغة في الجدار . ويجوز أن يكون معناه من وراء نخيلهم وشجرهم ; يقال : أجدر النخل إذا طلعت رءوسه في أول الربيع . والجدر : نبت واحدته جدرة . وقرئ " جدر " ( بضم الجيم وإسكان الدال ) جمع الجدار . ويجوز أن تكون الألف في الواحد كألف كتاب ، وفي الجمع كألف ظراف . ومثله ناقة هجان ونوق هجان ; لأنك تقول في التثنية : هجانان ; فصار لفظ الواحد والجمع مشتبهين في اللفظ مختلفين في المعنى ; قاله ابن جني .

قوله تعالى : بأسهم بينهم شديد يعني عداوة بعضهم لبعض . وقال مجاهد : بأسهم بينهم شديد أي بالكلام والوعيد لنفعلن كذا . وقال السدي : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد . وقيل : بأسهم بينهم شديد أي إذا لم يلقوا عدوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس ، ولكن إذا لقوا العدو انهزموا .

تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى يعني اليهود والمنافقين ; قاله مجاهد . وعنه أيضا يعني المنافقين . الثوري : هم المشركون وأهل الكتاب . وقال قتادة : تحسبهم جميعا أي مجتمعين على أمر ورأي .

وقلوبهم شتى متفرقة . فأهل الباطل مختلفة آراؤهم ، مختلفة شهادتهم ، مختلفة أهواؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق . وعن مجاهد أيضا : أراد أن دين المنافقين مخالف لدين اليهود ; وهذا ليقوي أنفس المؤمنين عليهم . وقال الشاعر :

إلى الله أشكو نية شقت العصا هي اليوم شتى وهي أمس جمع

وفي قراءة ابن مسعود " وقلوبهم أشت " يعني أشد تشتيتا ; أي أشد اختلافا .

ذلك بأنهم قوم لا يعقلون أي ذلك التشتيت والكفر بأنهم لا عقل لهم يعقلون به أمر الله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالإثنين يناير 10, 2011 4:44 pm

--------------------------------------------------------------------------------
في رحاب آية {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّ اع إذا دعان
________________________________________
دعوة القرآن إلى الدعاء والحث عليه وردت في مواضع عديدة من كتاب الله، نختار منها قوله - تعالى -: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (} (البقرة: 186) وقوله - سبحانه -: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية} (الأعراف: 55) وقوله - جلا وعلا -: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} (غافر: 60) وغير ذلك من الآيات الداعية إلى الدعاء.

والدعاء من جهة اللغة يطلق على سؤال العبد من الله حاجته، ويطلق من جهة الشرع على معان عدة، منها العبادة، وعلى هذا فُسر قوله - تعالى -: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} أي: اعبدوني وأخلصوا لي العبادة دون من تعبدون من دوني؛ وعن ثابت، قال: قلت لأنس - رضي الله عنه -: يا أبا حمزة أبلغك أن الدعاء نصف العبادة؟ قال: لا، بل هو العبادة كلها.

وإذا كان الدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث، فإن العبادة أيضًا هي الدعاء، إذ لا تخلو عبادة من الدعاء، ولكن ما نريد إدارة الحديث حوله هنا، هو أهمية الدعاء بمعناه الأصلي واللغوي، ونقصد بذلك توجه العباد إلى الله - تعالى -طلبًا لقضاء الحاجات وكشف الكربات، وهو أمر يكاد يغفل عنه كثير من المسلمين، مع ندب الشرع إليه، وشدة احتياجهم إليه.

فمن فضل الله- تبارك وتعالى - وكرمه أن ندب عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة؛ ففي الحديث: (يقول الله - تعالى -: {أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني} [رواه مسلم]. وفي حديث آخر: {إن الله - تعالى -ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبتين} [رواه أحمد].

ويلاحظ أن طلب الدعاء في الخطاب القرآني جاء مقرونًا ومرتبًا عليه الإجابة؛ فالعلاقة بينهما علاقة السبب بالمسبَّب، والشرط بالمشروط، والعلة بالمعلول، فليس على العبد إلا الالتجاء إلى الله - بعد الأخذ بالأسباب - وطلب العون منه في كل عسر ويسر، وفي المنشط والمكره، ووقت الفرج ووقت الكرب؛ ففي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث؛ إما أن يعجل له دعوته، وإما إن يدخر له، وإما إن يكف عنه من السوء بمثلها. قالوا: إذن نكثر؟ قال: الله أكثر) [رواه أحمد].

وعن أبى هريرة – رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي) [رواه البخاري ومسلم].

قال السدي في تفسير قوله - تعالى -: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع} ليس من عبد مؤمن يدعو الله إلا استجاب له، فإن كان الذي يدعو به هو له رزق في الدنيا أعطاه الله، وإن لم يكن له رزقًا في الدنيا ذخره له إلى يوم القيامة، ودفع عنه به مكروها.

ولسائل أن يسأل: فما لنا ندعو فلا يُستجاب لنا؟ وفي الجواب على هذا نختار ما أجاب به القرطبي عن هذا الإشكال، إذ قال - رحمه الله -: الجواب أن يُعْلَم أن قوله الحق في الآيتين {أُجيب} و{أستجب} لا يقتضي الاستجابة مطلقًا لكل داع على التفصيل، ولا بكل مطلوب على التفصيل، فقد قال ربنا - تبارك وتعالى - في آية أخرى: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين} (الأعراف: 55) وكل مصر على كبيرة عالمًا بها أو جاهلاً فهو معتد، وقد أخبر أنه لا يحب المعتدين، فكيف يُستجاب له؛ وأنواع الاعتداء كثيرة.

ويمكن أن يقال أيضًا: إن إجابته - سبحانه - متعلقة بإرادته، فيجيب لمن يشاء من عباده، ويُعْرِض عمن يشاء، لحكمة يريدها الله، يؤيد هذا قوله - تعالى -: {فيكشف ما تدعون إليه إن شاء} (الأنعام: 41) والقرآن يفسر بعضه بعضًا.

إذا تبين هذا كان من اللازم القول: يمنع من إجابة الدعاء موانع لا بد من مراعاتها والتحفظ منها؛ وهي على العموم فعل كل ما لا يرضي الله - سبحانه -، كأكل الحرام وما كان في معناه، وفي الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر (...الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب} وهذا استفهام على جهة الاستبعاد من قبول دعاء من كانت هذه صفته؛ فإن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط في الداعي، وفي الدعاء، وفي الشيء المدعو به. فمن شرط الداعي أن يكون عالماً أنه لا قادر على قضاء حاجته إلا الله، وأن يدعو بنية صادقة وقلب حاضر، فإن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه، وأن يكون مجتنبا لأكل الحرام، وألا يمل من الدعاء. وغير ذلك من الشروط التي فصل العلماء القول فيها.

والذي نخرج به مما تقدم، أن أمر الدعاء في حياة المسلم لا ينبغي أن يُقَلِّل من شأنه، ولا أن يحرم المسلم نفسه من هذا الخير الذي أكرمه الله به، والمسلم حريص على الخير، أولم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (واحرص على ما ينفعك) وتأمل في قوله - عليه الصلاة والسلام -: (احرص) ليتبين لك قيمة هذا الهدي النبوي. ولا شك فإن النفع كل النفع في الدعاء، وخاصة إذا استوفى أسبابه؛ ولعل فيما خُتمت فيه آية البقرة: {لعلهم يرشدون} ما يؤكد هذا المعنى؛ كما أنَّ فيما خُتمت به آية غافر: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} ما يشد من أزر هذا المعنى، والله أعلم.

اللهم وفقنا لكل خير، وافتح لنا أبواب الدعاء إليك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم عبد الرحمن
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللّه

لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللّه
أم عبد الرحمن


الدولة : في رحاب ايه MoroccoC
الجنس : انثى
عدد الرسائل : 1116
عدد النقاط : 1001160
السٌّمعَة : 53
الموقع : www.okhtah.net.tc
تاريخ التسجيل : 21/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالثلاثاء يناير 11, 2011 3:12 am

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
بارك الله فيك اخيتي على المجهود الطيب في ميزان حسانتك إن شاء الله
واصلي غاليتي على هذا العمل الجميل
موفقة بإذن الله
والسلام عليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالجمعة يونيو 03, 2011 1:03 am

وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)


وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول رَبّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة" نِعْمَة "وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة" هِيَ الْجَنَّة "وَقِنَا عَذَاب النَّار" بِعَدَمِ دُخُولهَا وَهَذَا بَيَان لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ وَلِحَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْقَصْد بِهِ الْحَثّ عَلَى طَلَب خَيْر الدَّارَيْنِ كَمَا وَعَدَ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ :


أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ(202)


أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيب" ثَوَاب "مـِ" مِنْ أَجْل "مَا كَسَبُوا" عَمِلُوا فِي الْحَجّ وَالدُّعَاء "وَاَللَّه سَرِيع الْحِسَاب" يُحَاسِب الْخَلْق كُلّهمْ فِي قَدْر نِصْف نَهَار مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا لِحَدِيثٍ بِذَلِكَ


وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(203)




وَاذْكُرُوا اللَّه" بِالتَّكْبِيرِ عِنْد رَمْي الْجَمَرَات "فِي أَيَّام مَعْدُودَات" أَيْ أَيَّام التَّشْرِيق الثَّلَاثَة "فَمَنْ تَعَجَّلَ" أَيْ اسْتَعْجَلَ بِالنَّفْرِ مِنْ مِنًى "فِي يَوْمَيْنِ" أَيْ فِي ثَانِي أَيَّام التَّشْرِيق بَعْد رَمْي جِمَاره "فَلَا إثْم عَلَيْهِ" بِالتَّعْجِيلِ "وَمَنْ تَأَخَّرَ" بِهَا حَتَّى بَاتَ لَيْلَة الثَّالِث وَرَمَى جِمَاره "فَلَا إثْم عَلَيْهِ" بِذَلِكَ أَيْ هُمْ مُخَيَّرُونَ فِي ذَلِكَ وَنَفْي الْإِثْم "لِمَنْ اتَّقَى" اللَّه فِي حَجّه لِأَنَّهُ الْحَاجّ فِي الْحَقِيقَة "وَاتَّقُوا اللَّه وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ



وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ(204)



وَمِنْ النَّاس مَنْ يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا" وَلَا يُعْجِبك فِي الْآخِرَة لِمُخَالَفَتِهِ لِاعْتِقَادِهِ "وَيُشْهِد اللَّه عَلَى مَا فِي قَلْبه" أَنَّهُ مُوَافِق لِقَوْلِهِ "وَهُوَ أَلَدّ الْخِصَام" شَدِيد الْخُصُومَة لَك وَلِأَتْبَاعِك لِعَدَاوَتِهِ لَك وَهُوَ الْأَخْنَس بْن شَرِيقٍ كَانَ مُنَافِقًا حُلْو الْكَلَام لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِف أَنَّهُ مُؤْمِن بِهِ وَمُحِبّ لَهُ فَيُدْنِي مَجْلِسه فَأَكْذَبَهُ اللَّه فِي ذَلِكَ وَمَرَّ بِزَرْعٍ وَحُمُر لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فَأَحْرَقَهُ وَعَقَرهَا لَيْلًا



وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ(205)



وَإِذَا تَوَلَّى" انْصَرَفَ عَنْك "سَعَى" مَشَى "فِي الْأَرْض لِيُفْسِد فِيهَا وَيُهْلِك الْحَرْث وَالنَّسْل" مِنْ جُمْلَة الْفَسَاد "وَاَللَّه لَا يُحِبّ الْفَسَاد" أَيْ لَا يَرْضَى بِهِ



المصدر تفسير الجلالين


[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المؤمنة بالله
مشرفة على المنتديات الشرعية

مشرفة على المنتديات الشرعية
المؤمنة بالله


عدد الرسائل : 755
عدد النقاط : 966
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 27/09/2009

في رحاب ايه Empty
مُساهمةموضوع: رد: في رحاب ايه   في رحاب ايه Emptyالجمعة يونيو 03, 2011 6:47 pm

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(29)

سورة البقرة



يذكرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أنه هو الذي خلق ما في الأرض جميعا. وقد جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى: "فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون" لتلفتنا إلي أن ما في الأرض كله ملك لله جل جلاله، وأننا لا نملك شيئا إلا ملكية مؤقتة. وأن ما لنا في الدنيا سيصير لغيرنا. وهكذا. والحق سبحانه وتعالى حين خلق الحياة وقال "كنتم أمواتا فأحياكم" كأن الحياة تحتاج إلي إمداد من الخالق للمخلوق حتى يمكن أن تستمر. فلابد لكي تستمر الحياة أن يستمر الإمداد بالنعم. ولكن النعم تظل طوال فترة الحياة، وعند الموت تنتهي علاقة الإنسان بنعم الدنيا. ولذلك لابد أن يتنبه الإنسان إلي أن الأشياء مسخرة له في الدنيا لتخدمه. وأن هذا التسخير ليس بقدرات أحد. ولكن بقدرة الله سبحانه وتعالى. والإنسان لا يدري كيف تم الخلق. ولا ما هي مراحله إلا أن يخبرنا الله سبحانه وتعالى بها. فهو جل جلاله يقول:



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في رحاب ايه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ๑۩۞۩๑ <<< المنتديات الشرعية >>> ๑۩۞۩๑ :: منتدي القرآن الكريم وعلومه-
انتقل الى: