بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم
صفات الزوج الصالح :
أرشد الشرع إلى الصفات الواجب توافرها في الرجل الذي يختاره الولي، ليكون زوجًا لمولاته، وهي:
1- الدين: حيث إن المسلم العارف بدينه، الملتزم بأوامره ونواهيه، المتخلق بأخلاقه، المتأدب بآدابه وتعاليمه، يحفظ نفسه وأهله، ويصونهم عن الشبهات، ويراقب الله فيهم ويتقيه في سائر أعماله. كما أن هذا المؤمن إذا أحب زوجته أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها، لأنه ملتزم بكتاب الله الذي قال: { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229]. كما أنه يعلم أن امرأته بشر وليست معصومة، فيقدر أن يجد منها بعض ما لا يعجبه، فيتحمل ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْرَكُ مؤمن مؤمنة (أي: لا يبغضها)، إن كره منها خلقًا، رضي منها آخر) [مسلم].
ويؤكد أهمية اشتراط الدين في الرجل الذي يعطيه الولي مولاته، ما وجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم النظر عندما مر رجل عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: ( ما تقولون في هذا؟) قالوا: هذا حريّ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم: ( ما تقولون في هذا؟) قالوا: هذا حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يسمع. فقال صلى الله عليه وسلم: ( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) [البخاري].
2- حسن الخلق: إذا فازت المرأة برجل حسن الخلق، فقد فازت برجل من أكمل المؤمنين إيمانًا. قال: صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم) [الترمذي، وابن حبان].
وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختيار صاحب الخلق الحسن، حيث قال: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد). قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ (يعني: نقص في الجاه أو فقر في المال أو غير ذلك). قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) (ثلاث مرات) [الترمذي].
وصاحب الخلق الحسن ينصف زوجته من نفسه، ويعرف لها حقها، ويعينها على أمور دينها ودنياها، ويدعوها دائمًا إلى الخير، ويحجزها عن الشر، والرجل إذا كان حسن الخلق، فلن يؤذي زوجته، ولن تسمع منه لفظًا بذيئًا، يؤذي سمعها، ولا كلمة رديئة تخدش حياءها، ولا سبًّا مقذعًا يجرح كبرياءها، ويهين كرامتها.
والرحمة من أهم آثار حسن الخلق، فلابد للمرأة من زوج، يرحم ضعفها، ويجبر كسرها، ويبش في وجهها، ويفرح بها ويشكرها ويكافئها إن أحسنت، ويصفح عنها، ويغفر لها إن قصَّرتْ، فالمرأة الصالحة تنصلح بالكلمة الطيبة دون غيرها.
ومن أهم مظاهر حسن الخلق في الزواج، ألا يغرِّر الزوج بزوجته، فالمسلم لن يخفي عيبًا في نفسه، ولن يتظاهر أمامها بما ليس فيه، كأن يخفي نسبًا وضيعًا، أو فقرًا مدقعًا، أو سنًّا متقدمة، أو زواجًا سابقًا أو قائمًا، أو علمًا لم يحصِّله، أو غير ذلك. أو أن يغير من خلقته باستعمال أدوات التجميل؛ ليحسنها أو ليظهر في سن أصغر من سنِّه.
فالتغرير ليس من أخلاق الإسلام، كما أنه محرم شرعًا. قال صلى الله عليه وسلم: ( من غش، فليس منا) [مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: ( كبرتْ خيانة أن تحدث أخاك بحديث، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب) [أحمد وأبو داود والطبراني].
3- الباءة: وهي القدرة على تحمل مسؤوليات الزواج وأعبائه من النفقة والجماع. قال صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج...) [متفق عليه]. فمن يعجز عن الإنفاق على نفسه وأهله؛ قد يضيع من يعول، ويعرض نفسه وأهله لألم الحاجة، وذلِّ السؤال.
ومن عجز عن الجماع، فقد عجز عن إعفاف المرأة وإحصانها، ورجاء الولد من مثله مقطوع. والمرأة قد لا تحتمل الصبر أمام عجز زوجها عن إعفافها، كما أن الزوج قد لا يقدر على تحمل فتور زوجته. قال صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار) [أحمد وابن ماجه].
4- الكفاءة: الحق أن انتظام مصالح الحياة بين الزوجين لا يكون عادة إلا إذا كان هناك تكافؤ بينهما؛ فإذا لم يتزوج الأكفاء بعضهم من بعض لم تستمر الرابطة الزوجية، بل تتفكك المودة بينهما، وتختل روابط المصاهرة أو تضعف، ولا تتحقق بذلك أهداف الزواج الاجتماعية، ولا الثمرات المقصودة منه.
وقد أشارت بعض النصوص النبوية إلى اعتبار معنى الكفاءة بين الزوجين عند التزويج، ومن ذلك ما جاء عن علي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( ثلاث لا تؤخرهن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا) [الترمذي والحاكم]، وما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء) [ابن ماجه]، وغير ذلك من الآثار.
وعلى الرغم من ضعف كثير من الآثار الواردة بهذا المعنى -من حيث ثبوتها- فإنها في جملتها تشير إلى اعتبار الكفاءة عند التزويج، بوصفها شيئًا من أسباب نجاح الزواج، وقد يفهم بعض الناس الكفاءة فهمًا ضيقًا، فيشترط كثرة المال، أو علو الجاه، أو جنسًا معينًا يتزوج منه، أو أصحاب حرفة بعينها يصاهرها، والصواب أن ينظر أولا وقبل كل شيء إلى الدين.
www.okhtah.net.tc