إذا صار الفنانون والفنانات أئمة على العلماء فبطن الأرض خير لنا من ظهرها"
"الجزائر شرف للعروبة والإسلام وما حدث زوبعة في فنجان"
لم يخف فضيلة الشيخ الداعية المصري عمر عبد الكافي في لقاء جمعه بالشروق اليومي أسفه على ماحدث قبل وأثناء وعقب مباراة الجزائر ومصر، وقال إنه حزين أشد الحزن من التراشق وسيل الاتهامات التي حدثت بين الجانبين، معتبرا في الوقت نفسه أن الجزائر شرف للعروبة والإسلام وأن شعبها يتميز بصفاء القلب والسريرة ويكفي أن عصبيتهم لدين الله وقفت ندا أمام المستعمر الفرنسي مدة 132 سنة...
* وما استطاع هذا الأخير أن يزحزحهم عن رباطة جأشهم بالإسلام. ويقول الداعية عمر الذي استضافنا في مكتبه أنه متفائل جدا بكون الأمور ستعود كما كانت عليه في السابق خصوصا حينما يتدخل العقلاء من الجانبين.
* ما من شك أنك تابعت الأحداث التي رافقت مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر .. ماهو تعليقك؟
* في العصور الأخيرة من تاريخ أمتنا، الكل يتمسك بالعَرض وينسى المرض وكل مرض له عرض والطبيب الحاذق الفاهم بطبائع الأمور وحقائقها هو الذي يكتشف طبيعة المرض وعلاجه ثم يحصن مريضه لكي لا يعود إليه مرة أخرى، ومن أكبر أمراض الأمة ولعلّ حجر الزاوية هو بُعد الأمة عن حقائق دينها وعن رسالتها الخالدة، وهذا أثمر ويا للأسف أمراضا كثيرة تطفو على السطح بين الحين والحين، من أسوأ هذه الأمراض العصبية القبلية التي ورثناها على جاهلية العرب قبل أن يمحوها الإسلام.
* لو دخلنا كعرب ومسلمين في كأس العالم للصناعة لكنا آخر الناس، ولو أجريت مسابقات علمية في المحافل الدولية في شؤون الزراعة أو الكيمياء أو الفضاء أو الهندسة الوراثية أو تعمير الكون الذي نعيش فيه، لكنا وللأسف آخر الأمم، إذن على الشعوب أن تراجع نفسها وتعيد حساباتها وفق فقه الأولويات.
*
* هل شاهدت المباراة فضيلة الشيخ؟!!
* أنا ليس لي في الكرة نصيب، لأني أتعجب من أن 22 لاعبا يتقاذفون قطعة جلدية منفوخة في الهواء ويتقاتل الناس من أجل ترجيح فريق على آخر وهؤلاء المشاهدون بالملايين، كنت أتمنى أن المشاهدين يكونون 22 والذين يمارسون الرياضة يكونون بالملايين وليس معنى هذا أني ضد الرياضة بل كلنا مقصرين فيما يعود على الجسد الإنساني بالصحة والعافية.
*
* قال أحد المنتسبين إلى العلم الشرعي في إحدى الجامعات المرموقة ذكر العبارات التالية: "فقد الجزائريون دينهم بعد أن فقدوا عقولهم"، "المنتخب الجزائري اللعين"، "بعد أن فاز هؤلاء المتخلفون الأوغاد"، "إنهم عار على الرياضيين وعلى الرياضة ولن يزدادوا بتلك الرياضة إلا شرا وبهيمة وتخلفا وحقدا وإجراما تشهد به الدنيا".
* ماتعليقك ؟!!
* أقول بملء الفم أن هذا الكلام لا يمت للقرآن أو للسنة في شيء لأنه يثير نعرات العصبية الجاهلية التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم "دعوها فإنها منتنة ..".
*
* إذن أنتم ضد أن يسير العلماء خلف العوام؟!!
* يجب أن تعاد الأمور إلى نصابها في أن لا يوجّه الإعلام المسيّس عقول الناس وأفكارهم، ولكن على العلماء أن يأخذوا وأن يمسكوا بالزمام حتى لا تنقلب الشعوب عن قيمها ومبادئها وأخلاقها والذي يوجه الدفة للوصول إلى بر الأمان هم العلماء الربانيون الذين آتاهم الله بعضا من الحكمة وكثيرا من التعقل.
*
* هل ترى أن الدعاة قاموا بدورهم كما يجب عليهم في هذه الأحداث؟!!
* ومتى أتيح للعلماء في العقود الأخيرة أن يكون لهم دور في ترشيد الأمة والأخذ بيدها إلى سواء السبيل فلماذا تبحثون عنهم اليوم؟؟ والذي أحدث هذه المشكلة كان أحد أسبابها تغييب دور العلماء بعيدا عن واقع الأمة.
*
* طيب هذا منبر نفتحه لك لكي تتحدث من خلاله.. ما قولك فيمن يدعو للقتل من على المنابر الإعلامية ؟!!
* كنت أوّد أن أسمع من الإعلام في الطرفين أن تحشد الجماهير نحو قضية الأمة "ضياع فلسطين، قتل أطفالها ونسائها والحصار المضروب عليهم ووطنهم السليب ثم الوقوف أمام الكيان الصهيوني حتى لا تتهوّد القدس وحتى لا يمنع آذان الفجر في أرجائها"، كان من الواجب على الإعلام من الطرفين أن يثيروا عواطف الجماهير وعقولهم نحو الخروج من حظرة التخلف والظلم والقهر الاجتماعي وكبت الحريات.
*
* وماذا عن الإعلام الذي يهين تاريخ شعب ويطعن في شهدائه؟!!
* هذا ليس بإعلام لأنه يستغل الميكروفون وقيم الشعوب وتاريخها، الإعلام يجب عليه أن يوجه الأمة لاستنبات شجيرات الخير الذي هو كامن في قلب كل عربي مسلم وللأسف نسي الشعبان ومن يقوم على أعلامهم التاريخ المترف للبلدين من حضارة وقيم ومبادئ وجهاد في سبيل الحق والدفاع عن الإسلام والعروبة، وهذا معروف عن الشعبين الكبيرين، لكن في غمرة الأحداث نسي الناس الخير وأخرجوا ما عندهم من عقد نفسية وأمراض اجتماعية ونكسة حضارية.. إنني حزين كل الحزن على ماحدث من تراشق بين الطرفين بالكلمات.
*
* العديد من الفنانين المصريين قاطعوا الجزائر .. مع فارق التشبيه طبعا ماذا عن موقفكم أنتم الدعاة من المقاطعات؟؟
* إذا صار الفنانون والفنانات أئمة العلماء ويجب على الجميع أن يقتدي بهم فبطن الأرض خير من ظهرها وحسبنا أن نردد ما قاله شاعرنا العربي:
* يا موت زر إن الحياة كئيبة .. يا نفس جدي إن ظهرك هازل
* طيب أنت زرت الجزائر في أكثر من مناسبة .. ماهي النظرة التي تشكلت عندك حول الشعب الجزائري .. هل هم همج وبلطجية كما نعتهم بذلك الإعلام المصري ؟!!
* الجزائريون شرف للعروبة والإسلام كما أن مصر أيضا درة التاريخ في تاج الإسلام، والشعبان يكمل بعضهما الآخر ولا يتناقضان وأرجو أن يكون ما حدث زوبعة في فنجان تعيد الأمور إلى نصابها وتهدأ النفوس ولا أبيح لمصري أن يتهجم على أشقائه من الجزائريين أهل الفضل والخير ولا أبيح لجزائري أن يتهجم على إخوانه المصريين أهل الإسلام والعطاء، وتأكد أنه لا يوجد أحد من الجزائريين إلا وأنا أحبه وأنا واثق من محبة الشعب الجزائري لشخصي أما الشعب المصري فشهادتي له تكون مجروحة لأنني منهم .. بصراحة أهل الجزائر بما رأيته فيهم ، فيهم صفاء القلب وتوّقد الذهن وإخلاص النية وعصبيتهم بدين الله وتمسكهم به ويكفي أن 132 عام من تواجد المخرب الفرنسي عندهم ما زحزحهم عن دينهم ولا عن عروبتهم وإنما خرجوا عن احتلال وهم ثابتون على دينهم وعلى عروبتهم ومنهم في تاريخنا القديم والحديث نماذج مشرفة ترفع هامة الأمة عاليا من أمثال طارق بن زياد ويوسف بن تاشفين وعبد القادر الجزائري ومالك بن نبي وعبد الحميد بن باديس عالمنا الجليل رحمهم الله جميعا، فكيف لإنسان أن يقاوم في نفسه محبة هذا الشعب الودود الذي يشعرني إذا وجدت بينهم أني واحد منهم.
*
* ماذا تتذكر من زياراتك للجزائر ؟؟
* في أول يوم زيارة لي إلى الجزائر رأيت لوما خفيفا من جمهرة من الرجال الجزائريين الذين يرون أني أوّضح بشدة حقوق المرأة حتى استشعروا مطالبة كثير من النساء بحقوقهن الضائعة من طرف أزواجهن (يضحك هههههه) وما زلت أذكر جيدا كيف أنه في مدينة وهران استقبلوني في محاضرة داخل ملعب كرة وفيه جمهور مليء وكأنه جمهور كرة فكيف يمكن أن تقاوم محبة هذا الشعب العظيم لكني أقول في النهاية إن ما حدث زوبعة في فنجان وسوف تعود الأمور إلى نصابها والمودة إلى مكانها الأصلي في قلب كل مصري نحو إخوانه في الجزائر وفي نفس الوقت كل جزائري نحو إخوته في مصر.
*
* إذن أنت متفائل .. ألا تعتقد أن الجرح الجسدي يتعافى أما الجرح اللفظي من الصعب نسيانه خصوصا التجريح والشتم في رموزنا؟؟؟
* أنا متفائل جدا، إنها مسألة استثنائية والشعب المصري بطبيعته شعب كريم متسامح لا يجيد العنف ولا يحب التهجم على الآخرين والشعب الجزائري ذو فطرة سليمة وذو خلق عربي قويم ولو وسع المجال للعقلاء بين الطرفين وهم كثر والحمد لله ستهدأ الأمور بحول الله وقوته لأن همومنا واحدة وآلامنا واحدة وآمالنا واحدة.
* هل ستزور الجزائر بعد الذي حدث ؟!!
* كما مصر أهلي الجزائر كذلك أهلي وأحبتي وتشرفني زياراتي لهم وهم يغمروني بالمحبة والود لأني أرى أن كل مكان يسمع فيه الآذان خمس مرات هو وطني.